هي لا تهتم حقا لما يردده البعض عنها .. صارت تعلم جيدا كم هو مهلك لها أن تهتم, أصبحت تتعامل بسلام مفرط مع الدنيا, استسلام ربما, فتصحيح وجهات نظر البعض عنها هنا و تعريف البعض الأخر بها هناك استهلك الكثير من طاقتها, أصبحت الآن مفرطة الهدوء و الصمت و لكن أحيانا أخرى مفرطة العصبية و العناد, تمر سعات لا تُحدِث حتى نفسها لكن أحيانا أخرى ليست بقليلة يخرج صراخها وسط دموع - صار ذرفها غير مبرر عادة يخرج لا ليعبر عنها و إنما ليتهم العالم كله انه لا يهتم.
تصورت كثيرا أن لديها مفاتيح تدير محركات ذهنها, كانت ترى أن أسلحتها في الحرب على الاكتئاب و الأحزان الغير مبررة مجرد أغنية محببة لها مع جلسة فضفضة تشاركها و تزاحمها فيها صديقات الطفولة و لكنها و دون سابق إنذار تعرفت على هواجس جديدة و مثيرات للاكتئاب جديدة عجزت أسلحتها البدائية عن صدها. "حالة اللا جديد هذه" تلك التي لا تعطيك مبررات كافية للتذمر و لا للرضي. تلك التي تجعلها تقول الحمد لله و لا تعلم هذه المرة سراء هذه أم ضراء فتقولها عملا بمبدأ الأحوط . تبحث عن سبب فلا تجد فتردد بيأس " لا شيء" تحدثها صديقتها و تقول "إنها الهورمونات" ترتاح لهذه التفسير لا لصحته و لكن لأنه ينفى عنها تهمة "عدم الرضي" . أصبحت هذه هي تهمتها الجديدة التي يجب أن تتنصل منها مثلما فعلت عندما اتهموها بالعناد غير أن كل ما كانت تفعله هو الوقوف إلى جانب نفسها حين أدركت أن عالمها انعدم المتطوعين لمساعداتها في صلب "حيلها" كما تردد.
تلجئ لفواتح الشهية علها تفتح شهيتها ليس للطعام فقط و لكن على الدنيا, تتذكر كيف تذمرت ذات مرة من كثرة الأشخاص الغير حقيقيين في حياتها. كيف أنهم يزاحمون الحقيقيون فتبقى لا هي وحيدة و لا مع احد. تتذكر كيف مر الكثير و الكثير دون جدوى و كيف أرهقت قلبها نبشا و بحثا ضمن قوائم النزلاء على حياتها و عادت منهكة و ب "لا شيء". تمر عبر الأسماء في هاتفها فتجد البعض التي خيرا ظنت بهم أنهم حقيقيون تحدثهم فلا تجد الكلام, لا تجد العتاب و لا تجد سوى تكرار مستهلك لسؤال عن الأحوال ينتهي دائما "بلا شيء". تغلق هاتفا و لكنها تعانى من تضخم بإحساس أنها مثيرة للشفقة, تقسم على نفسها آلا تعيدها لكنها غرقا في "اللا شيء" تعيدها أسفا.
تعود ليلا لنفسها هي وحداها تعرف إنها تعرف و لكنها أيضا تعرف أنهم يظنون أن القصة تلك الغير مأساوية بالمرة "كانت لا شيء" فأصبحت تلك المرارة التي خلفتها و اليأس الذي تركته غير مبررين كفاية. أنهكها جدا البحث و لكن ما أنهاها حقا إنها لا تستطيع أن تبكى "اللاشيء" و لن تنال عناق طويلا أو طبطبة لطلما انتظرتها في المقابل. تتمنى, تدعو سرا "ربي لا تجعلني ممن يقيسون الناس و يضعون المقادير دون أن يعرفون أن ثمة أمور ما لن تحسها أنت حتى تكون أنا, ربي اجعلني مِن مَن يعانقون و لا يسألون, ربي اجعلني طبطبة مجانية".